دراسات مسرحية متخصصة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دراسات مسرحية متخصصة

عرض دراسات متنوعة وموضوعات في الدراما والنقد المسرحي العالمي والمحلي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المسرح الاوروبي في القرن الثامن عشر (النظرية والاعلام )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد صقر

احمد صقر


المساهمات : 66
تاريخ التسجيل : 06/03/2011
العمر : 64
الموقع : الإسكندرية

المسرح الاوروبي في القرن الثامن عشر (النظرية والاعلام ) Empty
مُساهمةموضوع: المسرح الاوروبي في القرن الثامن عشر (النظرية والاعلام )   المسرح الاوروبي في القرن الثامن عشر (النظرية والاعلام ) Emptyالثلاثاء مايو 01, 2012 1:30 am


المسرح الأوروبي في القرن الثامن عشر

مـدخـــل:
قبل الحديث عن المسرح الأوروبي في القرن الثامن عشر أرى لزامًا عليّ أن أعرض في عجالة للمسرح بشكل عام قبل أن أصل إلى هذا التاريخ للتعرف على المراحل التي مر بها المسرح منذ بداياته إلى أن أصل إلى هذه الفترة.
وأبدأ بالحديث عن الاتجاه الكلاسيكي الذي سيطر على المسرح منذ نشأته، وهذا الاتجاه قد أطلق لكي يفصل بين الكاتب الكلاسيكي والكاتب الشعبي. وقد عرف هذا المصطلح بأنه يخص الأعمال الأدبية التي تخص الطبقة الأرستقراطية، واستمر كذلك إلى أن تغير معناه ليطلق على كل الأعمال الأدبية التي لا ترتبط بطبقة اجتماعية معينة.
والكلاسيكية تعني السري على نهج من سبقنا من الكتاب ولا تعني التقليد، إلا أننا نقول أن الكتاب الكلاسيكيين لم يقلدوا أحد لأنه لم يوجد من سبقهم في هذا السبيل، لذلك فإن أدبائهم وكذا أدبهم جاء خالدًا قويًّا لأنه بعيد عن التقليد الساذج الأعمى.
وقد تطورت الكلاسيكية كاتجاه سيطر على الحياة المسرحية إلى أن وصلنا إلى الكلاسيكية الحديثة والتي تعني بإرساء التقاليد الأدبية التي تساعد الموهبة الأدبية الفردية على الانطلاق بأسلوب منظم ومنهج علمي، بحيث يرتكز الأديب على خلفية عريضة من التقاليد، وبذلك يقيم عمله على أساس صلب، وهكذا العمل الجديد بمثابة توسيع رقعة هذه الخلفية من التقاليد، فمهة كل كاتب وأديب هي الإضافة إلى هذه الرقعة وليس مجرد إخراج صورة مكررة ونسخ باهتة للأعمال الأدبية التي سبقته.
وإذا ما تعرفنا على الكلاسيكية في المسرح الفرنسي في القرن السابع عشر لتبين لنا أنها تبنت نفس الاتجاه الذي كان سائدًا قبل ذلك في "إيطاليا"، ولكن الفارق الوحيد أن الفرنسيين قلدوا الأدباء اللاتين بينما سار الإيطاليون على النهج الإغريقي، فقد سار "راسين" على نهج الكاتب المسرحي اللاتيني "سينكا" والذي طمح في أن يصبح مجرد نسخة منه ولم يسع إلى أن يصبح نسخة من "سوفوكليس".
إلا أن كل من "كورني" في المسرح التراجيدي و"موليير" في المسرح الكوميدي تمكنا من تحطيم هذا القيد الذي فرضته الكلاسيكية التقليدية على الفن والأدب في عصرهما. وقد تعرض "موليير" في أول حياته إلى فشل ذريع لأنه هاجم ورفض تقليد النماذج الأدبية اللاتينية الكوميدية لـ"بلوتوس" و"تيرانس"، وأكثر من ذلك، نقد مجتمعه المعاصر بكل طبقاته وهو ما لم يكن يتعود عليه الأرستقراطيون، لذا تعرض للفشل، إلا أنه من ناحية أخرى أرسى قواعد فنه وتحول تدريجيًّا إلى كاتب كلاسيكي من الطراز الأول، لقى نجاح متصل طوال حياته، بل يستمر إلى يومنا هذا.

أما عن الكلاسيكية في المسرح الإنجليزي في عصر "شكسبير" فقد اعتقد النقاد الإنجليز أن "شكسبير" عندما رفض وحطم كل القواعد الكلاسيكية في المسرح من الوحدات الثلاثة والمزج بين الشعر والنثر والكوميديا والمأساة في التراجيديا بأنه كان عبقريًّا، جمع بين الهمجية والرومانسية، وأنه بذلك لم يكن كلاسيكيًّا، إلا أنه من المؤكد أنه كان كلاسيكيًّا، إذ أنه أخذ معظم مضامين أعماله من الأدب الإغريقي واللاتيني ثم الإيطالي، وكان الدور الخطير الذي لعبه في تطوير مفهوم الكلاسيكية في عصره أنه وجه الأذهان إلى الأدب الإيطالي في العصور الوسطى وعصر النهضة، بحيث قل الاهتمام بتبني المضامين الإغريقية واللاتينية، وقد كان هذا واضحًا في الأدب الأسباني المعاصر لـ"شكسبير" فقد سمي هذا العصر بالعصر الكلاسيكي الذي أفرز "لوب دي فيجا" و"سيرفانتس".

وإذا ما انتقلنا إلى الكلاسيكية في القرن الثامن عشر فلم ينتج هذا القرن العديد من الكتاب المسرحيين أسوة بما سبق هذا القرن أو حتى من جاء بعدهم من كتاب. على أن الفترة الواقعة بين سنة 1700- 1800 تعد فترة مهمة بالنسبة لمؤرخي المسرح أكثر من كونها فترة إنتاج مسرحي. على أن أهم السمات التي سيطرت على هذه الفترة تمثلت في أن النشاط المسرحي قد غزا كل بلدان "أوروبا".
هذا إلى جانب الاهتمام بتشييد أكثر من دور للمسرح والمباني المسرحية العديدة حيث بدأ هذا القرن بوجود ثلاثة مسارح في "باريس" وقد انتهى وقد وصل العدد إلى واحد وخمسين مسرحًا في الكثير من بلدان "أوروبا".

إنجلترا في القرن الثامن عشر
سيطر على هذا القرن نوع من المسرحيات تركز في إيثار العاطفة بالنسبة لمآسي الآخرين، هذا النوع أطلق عليه اسم "الدراما العاطفية".
من ناحية أخرى أستطيع القول أن الكوميديا قد شغلت المساحة الأكبر من الأعمال المسرحية الدرامية العاطفية، حيث عرفت هذه الفترة هذه الأنواع:
- الكوميديا العاطفية. – التراجيديا المنزلية (العائلية) - الأوبرا/ الكوميديا أو البانتوميم.

1- الكوميديا العاطفية:
انتشرت في القرن الثامن عشر، وقد عنيت بتصوير الصعاب والمآسي التي يعاني منها الناس.
ولقد كانت المسرحية تعتبر كوميديا لا بسبب الموضوع الذي تطرحه خلالها أو بسبب الأسلوب الذي تتبناه في المعالجة الدرامية، وإنما لأن النهاية تكون سعيدة في أغلب الأحيان.

وقد اعتمد الكاتب المسرحي الكوميدي على استدرار ضحك وابتسامة الجمهور، وذلك من خلال أسلوب المعالجة، هذا إلى جانب اعتماده على شخصيات عامة راقية من علية القوم لها عواطفها النبيلة وتظهر موقفها الكوميدي عندما تقابل بعض الصعاب.
على أن هذه المسرحيات برغم أنها كانت في وقتها تجتذب عددًا كبيرًا من المتفرجين الذين كانوا ينفعلون بها ويرون فيها صورة صادقة لحياتهم وظروفهم، رغم كل ذلك فإننا اليوم حينما ننظر إليها نجد أنها تتسم بالمبالغة، ذلك أن شخصياتها تبدو طيبة ونبيلة أكثر من اللازم، ومواقفها مصطنعة أكثر من اللازم.

ذلك على أنه من السمات التي ميزت هذه الفترة عامة وأعمالها المسرحية بشكل خاص هو أن الإنسان ارتبط بالطبيعة بخيرها وشرها، ومثله الأعلى أنه إذا ما تعرض لشر فالسبب في ذلك الظروف الاجتماعية التي يمر بها يكون عجزه في الاستماع إلى صوت قلبه وهو الذي يؤدي إلى فشله، لذا فهم يرون أن الشر يمكن القضاء عليه إذا رجعنا إلى الطبيعة الكامنة بالفطرة داخل الإنسان.
لذا كان من الضروري أن يظهر الإنسان عواطفه في مواقفه التي يمر بها، وهذا معناه أنه يتمتع بقوى عقلية سليمة تساعده في المحافظة على حالته النفسية، ذلك أنه إذا ما تألم الإنسان لآلام الآخرين فمعنى هذا أنه إنسان فاضل.. ويعني هذا التألم أنه يحافظ على طبيعته الفاضلة التي فطرها الله عليها.

مهدت هذه النظرة إلى أن تكون الكوميديا العاطفية هي اللون المسرحي الذي ينجح في تحقيق ما يتمشى مع ظروف إنسان هذا العصر.
وقد برز اسم الكاتب الإنجليزي "ريتشارد أستيل Richard Steele" بمسرحيته الشهيرة "العاشقون الواعون" التي ظهرت عام 1722 كمسرحية تبرز هذا النوع الذي تميزت به هذه الفترة.

2- التراجيديا المنزلية (العائلية):
إلى جانب النوع الأول من الكوميديا العاطفية، ظهرت أيضًا التراجيديا المنزلية (العائلية) والتي تعمدت أن تقدم شخصياتها من غير الطبقة التي تبنتها مسرحيات الكوميديا العاطفية، إذ اختارت شخصياتها من أبناء وطبقات المجتمع العاديين، وخاصة من طبقة التجار.
وتدور موضوعات هذه المسرحيات حول تصوير النتائج السيئة لتأييد الشر، كما كانت الكوميديا العاطفية تعني بتصوير النتائج الطيبة لمقاومة الشر.
على أننا إذا ما أردنا أن نتعرف على أهم كتاب هذا الاتجاه نجد أنه "جورج ليللو George Lillo" (1693- 1739) حيث قدم مسرحيته الشهيرة "تاجر لندن"، وفيها يعالج حياة صبي من الصبيان، وهو تاجر بطبيعة الحال ينتمي إلى طبقة التجار التي فضلت لأن يكتب عنها كتاب هذه الفترة، ويقع هذا الصبي تحت تأثير امرأة ساقطة فيسرق سيدة ويقتل عمه، والمسرحية كما هو واضح تحاول أن تؤكد أنه إذا ما كان الفتى قد فضل الخير لما سرق سيده وقتل عمه وتزوج ابنة سيده وحينئذ لأصبح ثريًّا. وهذه المسرحية على رغم ما حققته في وقتها من التأثير الكبير على رواد المسرح إلا أنها بمقاييس النقد الحديث ساذجة.

من الأعمال الأخرى لهذا الكاتب مسرحيته "الفضول الحتمي" 1736 وهي مأساة عائلية، وهي تعد أفضل من مسرحيته "تاجر لندن".

على أنني إذا ما أردت أن أتعرف على أهم السمات التي أضافتها المسرحية المسماه بالكوميديا العاطفية أو التراجيديا المنزلية إلى مقاييس الكتابة الكلاسيكية المتعارف عليها لاتضح لنا أن كتاب هذه المرحلة سعوا إلى الخروج على مقاييس النقد الكلاسيكية الجديدة، إذ أنهما أهملا الشكل الدرامي التقليدي، وكذلك مزجوا بين التراجيديا بالكوميديا والكوميديا بالتراجيديا.

3- البالاد أوبرا – الأوبرا الشعبية – البرليسك:
ظهر هذا النوع من الأوبرا التي اعتمدت في أسلوبها على الأوبرا الإيطالية التي وجدت رواجًا شديدًا في "إنجلترا" عندما استوردت في أوائل عصر عودة الملكية.
وقد برز اسم الكاتب الإنجليزي "جون جاي" (1685- 1732) الذي كتب "أوبرا الشحاذين" والتي أخذها بعد ذلك "بروتولد بريخت" ليكتب مسرحيته "أوبرا القروش الثلاثة"، وفي هذه الأوبرا نجد أجزاء من الحوار تتخلل أغاني لحنت على أنغام الأغاني الشعبية الشائعة Ballads. وقد حققت هذه الأوبرا نجاحًا كبيرًا مما شجع على ظهور عددًا كبيرًا من الأوبرات بعد ذلك.
وقد تميزت "أوبرا الشحاذين" بأنها لا تقتصر على محاكاة الأغاني الشعبية، بل إنها كانت تسعى إلى أن تسخر من الموقف السياسي في "إنجلترا" في هذه الفترة، حيث أن أبناء الطبقة العليا يرتكبون الخطأ، لذا فهم لصوص مثل أبناء الطبقة الدنيا، إلا أن أبناء الطبقة الدنيا هم الذين يعاقبون على أفعالهم على حين لا يعاقب أبناء الطبقة العليا.

تطورت الأوبرا الشعبية إلى الأوبرا الكوميدية، حيث برزت عدة أسماء كان لها فضل تطورها وانتشارها، من أهم هؤلاء الكتاب "إيزاك بيكرستاف Isaas Bikerstaffe" ومن أهم أعماله "الحب في القرية" و"فتاة الطاحونة".
كاتب آخر ظهر في هذه الفترة وهو "هنري فيلدنج H.Fielding" (1707- 1754) الذي كتب في الثلاثينيات من القرن الثامن عشر مسرحيات يقلد فيها ساخرًا من الكثير من مسرحيات العصر هادفًا من وراء ذلك النقد والسخرية اللاذعة من الطبقة الحاكمة. ومن هذه المسرحيات تراجيدية التراجيديات "مأساة المآسي" السجل التاريخي لعام 1736.

4- البانتوميم:
من أبرز وأكثر الألوان الدرامية الجديدة رواجًا وازدهارًا في القرن الثامن عشر كان فن البانتوميم الذي ظهر عام 1715 ووصل إلى درجة الكمال على يدي "جون ريتش John Rich" (1682- 1761).
أما عن طبيعة فن البانتوميم فهو فن يتكون من الرقص والمحاكاة الصامتة التي تصحبها الموسيقى ومناظر غنية ومؤثرات مختلفة، ومن ناحية أخرى فيما يتعلق بالقصة فهي القصة التي تتكون من مشاهد جادة ومضحكة معًا.. والمشاد المضحكة كان هلا بطل يملك عصا سحرية يستطيع بها أن يغير الأماكن والأشياء والاشخاص كما يرغب، أما المشاهد الجادة فكانت تقوم على قصة مستمدة من الأساطير أو موضوعات تاريخية مألوفة لدى المتفرجين.
وهكذا ساد المسرح الإنجليزي هذا اللون من الدراما العاطفية سواء في الكوميديا أو التراجيديا المنزلية أو الأوبرا الكوميدية أو البانتوميم، إلى أن وصلنا إلى كاتبان جديدا كان هدفهما تغيير الذوق العام إن لم يكن إصلاحه، وهما "أوليفر جولدسميث" و"شريدان".

* أوليفر جولدسميث Oliver Goldsmith (1703- 1774):
يعد من دعاة كوميديا التهكم الذي رأى أن المسرح- في وقته- قد خلا من الضحك فعزم على أن يعيد إليه ربة الضحك والفكاهة، فكتب مسرحية "الرجل الطيب القلب" ومسرحية "تمسكنت فتمكنت" وحاول "سميث" أن يتعرض لأخطاء المجتمع وسلبياته عن طريق إثارة الضحك والتهكم في محاولة أن يكشف نواحي الرذيلة والقصور.
تعتمد مسرحياته على استخدام تكنيك كوميديا الأحياء بحبكتها وصراعها الدرامي التقليدي، هذا إلى جانب شخصياتها المسرحية الكوميدية التقليدية.

* ريتشارد رنسلي شريدان Richard Sheridan (1715- 1816):
سارعلى هذا الدرب نفسه وكتب هو الآخر مسرحيات أقرب ما تكون إلى كوميديا التهكم، ومن مسرحياته "الغرماء" (المتنافسون) و"مدرسة الفضائح" ومسرحية "الناقد" ويغلب على مسرحياته تصوير السلوك الاجتماعي وما يشوبه من مظاهر زائفة، وكذا طبيعة العلاقات بين الأفراد وبعضهم البعض، وتقوم هذه المسرحيات على حبكة محكمة، هذا إلى جانب حوار له طبيعة تهكمية ساخرة.

فرنسا في القرن الثامن عشر
استمر حال المسرح الفرنسي عند بداية القرن الثامن عشر في الاعتماد على تراث المسرح الفرنسي الكلاسيكي من أعمال "موليير" و"راسين" و"كورني"، إلا أن السير على نهج القدماء لا يأتي بجديد كما هو معروف.
وعلى هذا نقول أن هذا الاعتماد قد أثر وأعجز حركة التجديدات بالنسبة للتراجيديا فيما عذا بعض أعمال "فولتير" (1694- 1778) التي تأثر فيها بالمسرح الإانجليزي بعد أن عاش في "إنجلترا" عدة سنوات.
ازدهرت عدة أسماء من كتاب المسرح الفرنسي في القرن الثامن عشر من أمثال "ديستسوشيس" غير أن هذه الأسماء لم تحتل مكانة كتلك الأسماء والأخرى أمثال "ماريفو" و"ديدرو" و"بومارشين".

* بيركارلي دي شمبرلين دي ماريفو Marivoux (1688- 1763):
اعتبرت أعماله بشائر ظهور الكوميديا العاطفية في "فرنسا"، والموضوع المحبب لديه هو استيقاظ الحب في النفوس.
أما عن الجديد الذي أتى به "ماريفو" تمثل في أنه نقل المشاكل إلى داخل الأبطال.. إلى القوى النفسية الداخلية، حيث نه كان من الشائع ان تبدا المسرحية والبطل والبطلة قد وقعا في الحب فعلاً قبل رفع الستار والمشاكل التي تواجههما عادةً هي التغلب على معارضة الآباء أو على القوى الخارجية الأخرى، بينما عند "ماريفو" فقد جعل المشاكل داخلية نفسية أكثر من كونها خارجية. ومن أهم مسرحياته "لعبة الحب" و"المصادفة" و"تغير ذو وجهين" و"الاعترافات المزيفة".

أما عن التراجيديا المنزلية في "فرنسا" فلم تجد لها من يهتم بها ويتبناها إلى أن جاء "دينيس ديدرو Denis Diderot" (1713- 1784) حيث كان يدعو إلى تقسيم الدراما إلى الكوميديا والتراجيديا على أن يحل محلهما شكلان متوسطان هما على وجه التقريب الكوميديا العاطفية والتراجيديا المنزلية.
ونتيجة لهذه الدعوة فإن الأمر دفع الكثير إلى المطالبة بإدخال تحسينات كثيرة في المسرح تمثلت في استخدام النثر في الحوار واختيار مواقف وشخصيات من الحياة العادية، ثم ضرورة مراجعة ما يتعلق بالحائط الرابع حيث أنهم طالبوا بضرورة أن يعامل الحائط الرابع للمتفرج على أساس أنه حجرة أحاط حوائطها شفاف بحيث يسمح للمتفرج أن يرى ما يحدث في الحجرة،وعليه يجب أن يمثل الممثلين دون أن يضعوا في اعتبارهم وجود المتفرجين على الإطلاق، وعلى ذلك يجب أن يكون كل ما يجري على خشبة المسرح مطابق للواقع. وقد ساهم هذا بدوره في الاتجاه في القرن التاسع عشر نحو تحقيق الواقعية.

كتب "ديدرو" بعض المسرحيات مثل "لابن غير الشرعي" و"رب العائلة"، وتدين هذه الأعمال أولئك الذين ظلموا الناس، أي المذنبين بالظلم الاجتماعي، وتمجد فضائل الطبقة المتوسطة الكادحة، إلا أن هذه الأعمال لم تكن ناجحة ومع ذلك فقد كانت السبب في ظهور اللون الدرامي الذي يسمى دراما... أي المسرحية الجادة التي ليست تراجيديا بالمعنى التقليدي. وقد تبلورت رسالة "ديدرو" كذلك في مقالته عن فن التمثيل بعنوان "مفارقة الممثل" و"الشعر المسرحي لمسيو جريم"، حيث تحدث عن هدف الممثل وما يجب أن يتبناه في مقاله الأول، وعن هدف الكاتب في أن يتخذ البساطة والواقعية منهجًا لكتابته.

* بومارشيه Beaumarchais (1732- 1799/ 1899):
واسمه الحقيقي "يير أوجستين كارون"، كتب عددًا من المسرحيات الجادة مثل "حلاق أشبيلية" و"زواج فيجارو". وقد سار في أعماله على نهج "ديدرو" في كتابة المسرحيات الجادة، إلا أن مسرحياته الجادة فشلت كما فشلت أعمال سلفه "ديدرو"، وقد كتب يرد على النقاد الذين هاجموا مسرحيته "يوجنيEugenie" 1767 قائلاً أن من حقه أن يعطي صورة صادقة لما يفعل الناس، صورة تختلف عن صور مجموعات القتلى وبحور الدم التي تصورها هذه المسرحيات وهي بعيدة جدًا عن روح العصر كما أنها بعيدة عن ما هو مألوف ومعتاد في أي مكان.
إلا أن أوجه الاختلاف بين "ديدرو" و"بورماشيه" تتمثل في أن الثاني أدرك مهمة المسرح الاجتماعية حيث أعلن بقوله إذا كانت الدراما صورة صادقة لما يحدث في المجتمع، فالاهتمام الذي تثيره فينا يجب أن يكون نفس الاهتمام الذي تثيره ملاحظة أشياء حقيقية إلا إذا تواجدت علاقة بين المشاهد والممثلين.

إيطاليا في القرن الثامن عشر
شهد المسرح الإيطالي خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر ازدهار الأوبرا والملهاة المرتجلة (الكوميديا دي لارتي) واللذين أصبحا لونين سائدين إلى أن وصلنا إلى منتصف القرن الثامن عشر حيث اضمحلت الكوميديا دي لارتي واستمرت الأوبرا.
وقد برزت في هذه الفترة أسماء كتاب سعوا من أجل إصلاح أحوال الكوميديا دي لارتي، وهما "كارلو جوزي" (1720- 1806) و"كارلو جولدوني" (1707- 1793)، وقد كانا كاتبين على درجة عظيمة من الأهمية في مجال الملهاة. وقد حاول "جوزي" أن ينفخ الحياة الجديدة في الملهاة، أما "جولديني" فقد سعى من أجل إعادة النظام إلى المسرح الإيطالي إذ وجد أحوال المسرح تعرقل كل تطور منشود.
أما أعمال "جوزي" فهي سلسلة كبيرة من عشر مسرحيات تسمة قصة جغرافية Fialie وهي موضوعات ذات معاني أسطورية ينفخ المؤلف فيها الروح الجادة. ومن أهم مسرحياته مسرحية "حب البرتقالات الثلاث" ومسرحية "الغراب" ومسرحية "ملل الظباء الثاني" ومسرحية "تراندات".
أما اعمال "جولدوني" فهي العديد من المسرحيات التي تتخذ فن الكوميديا- كما سبق القول- إطارًا لها وسعى من خلالها إلى إلغاء الأقنعة ومهاجمة كل الرذائل التي يعاني منها المجتمع. من أعماله مسرحية "مومولو كارتيزان" ومسرحية "سيدة من جاردو" ومسرحية "اللوكانديرا" ومسرحية "الكاذب" ومسرحية "المقهى" ومسرحية "السيد صاحب الذوق السليم". على الرغم من كل ذلك فإن جهودهما لم تحقق الأمل والهدف المنشود وباءت بالفشل إلى حدٍ كبير.
برز في هذه الفترة اسم كاتب آخر وهو "فيتوريو أميديو الفيري" (1749- 1803) وقد كتب بأسلوب يخلط بين الأشكال الكلاسيكية من خلال موضوعات تسعى إلى تقديم الوعي الاجتماعي وعلى ذلك فقد اعتبر مفسرًا للمدرسة الكلاسيكية يلاحظ الوحدات الثلاثة ملاحظة دقيقة مستبعدًا كل ما هو ثانوي بالنسبة للموضوع الرئيسي. إلا أن أعماله مع ذلك تميزت بقلة الشخصيات ويكاد يتركز موضوع المسرحية حول فرد واحد داخل موقف جاد والكل يدور حوله. من أهم مسرحياته مسرحية "كليوباترا" ومسرحية "واورست" ومسرحية "وسول" ومسرحية "أنتيمون" ومسرحية "ميرا".

أسبانيا في القرن الثامن عشر
لا نستطيع الادعاء بأن القرن الثامن عشر قد شهد للمسرح الاسباني أي إنجاز يذكر، وقد تمثلت الحركة المسرحية هناك في تقليد المسرح الفرنسي الكلاسيكي مما جعل الجمهور يضيق بهذا الحال نظرًا لمحاكاة أعمال "راسين" و"كورني" وقد مهدهذا إلى أن يستقبل الجمهور الأسباني الأوبرا الإيطالية بكل ترحاب، ولا توجد أسماء نستطيع أن نذكرها ونذكر فضلها على المسرح في هذه الفترة.
ألمانيا في القرن الثامن عشر
يبدأ التاريخ الحقيقي للمسرح الألماني بقدوم "جوتشيد Joham Christaph Gottsihed" (1700- 1776) حيث لم تكن هناك أي ظواهر مسرحية محلية ترصد أكثر من قيام بعض الفرق الألمانية بتقليد المسرح الإيطالي، هذا غلى جانب قيام بعض الفرق القادمة من "إنجلترا" بزيارة المدن الألمانية لعرض فنهم. وقد تمثلت أعمال "جوتشيد" في ترجمة النصوص المسرحية أو اقتباس بعضها من كتاب المسرح الفرنسي.
وإن أكد بعض المؤرخين المسرحيين أن أول اسم حقيقي جدير بأن يذكر حين نتحدث عن البداية الحقيقية للمسرح الألماني القومي هو "جوهان إلياس شليجل". ورغم الاختلاف في الرأي إلا أننا نؤكد أن المسرح في ألمانيا لم يكن له شأن قبل هذا التاريخ.
أما عن الكاتب الألماني "ليسنج Gotthold Ephriam Lessing" (1729- 1781) فيعد أهم كتاب المسرح الألماني في القرن الثامن عشر وواحد من أبرز النقاد المسرحيين العالميين في العالم كله.
كتب "ليسنج" عددًا من المسرحيات أهمها مسرحية "الآنسة سارة سامبسون" وهي تراجيدية عائلية تدور أحداثها في "إنجلترا" وبها يتضح تأثير "جورج ليللو" وتأثير المدرسة البرجوازية على عمله (المأساة البرجوازية)، وكذلك مسرحية "مينا فون بارنهليم Minna nonbarnhelm" وهي كوميديا عاطفية تدور حول موضوع الزواج وكيف تبح فتاة صغيرة في الإيقاع بحبيبها. وكذا مسرحيته الأخيرة "إيميليا جارلوتي" والتي يظهر بها الأسلوب الجاد الذي حل محل العاطفة المثيرة.
على أن أهم ما يميز أسلوب "ليسنج" هو دعوته إلى العودة إلى الكلاسيكية الحقيقية وهي التي تسمى الكلاسيكية الجديدة لا الكلاسيكية المريضة الزائفة. وقد ساهم "ليسنج" في مجال المسرح بدراسته التي تحمل عنوان "مقالات في فن الدراما من هامبورج"، وفيها نادى بضرورة أن تصبح وظيفة الدراما اجماعية حتى تستطيع أن يفهمها القارئ والمشاهد وأن يتعاطف معها اجتماعيًّا. كذلك قوانين الدراما لابد من إعادة النظر إليها بحيث نستبعد منها ما لا يتلاءم مع العمل.

شمال شرق أوروبا (روسيا/ الدنمارك/ السويد)
في القرن الثامن عشر
في البداية أود أن أؤكد أن المسرح في "روسيا لم تفرقه البلاد بالمعنى الحقيقي للكلمة إلا في منتصف القرن الثامن عشر، ولعل هذا يرجع إلى الظروف الدينية وموقف الكنيسة منذ العصور الوسطى، هذا غلى جانب الظروف الدينية وموقف الكنيسة منذ العصور الوسطى، هذا إلى جانب أن القياصرة لم يكن لهم موقف محدد من المسرح، فأحيانًا شجعوا على قيامه وأحيانًا أخرى وقفوا ضده، إلا أن المسرح الحقيقي الذي عرفته البلاد يبدأ بمجيء الكاتب "سوماركوف Sumarakn" (1718- 1777) الذي كتب مسرحية تحمل اسم "كوريف" وقدمها طلبة كلية البوليس 1749، إلا أنني أؤكد أن المسرح في روسيا لم يظهر ويستمر ويعرف بشكل حقيقي إلا مع بداية القرن التاسع عشر وعدا ذلك لا تعد هذه المحاولات أمرًا يذكر من حيث توقفها وعدم استمرارها.
ويجدر بي الغشارة كذلك إلى المناطق الأخرى التي هي من حيث التقسيم الجغرافي تقع داخل نطاق "أوروبا" وتندرج ضمن قائمة المسرح الأوروبي، وأول هذه الأماكن "النرويج" و"الدانمارك" حيث كانت اللغة الدانماركية هي اللغة السائدة ولم تعرف هذه المنطقة المسرح إلا بمجيء "هولبيرج L.Holierg" (1684- 1754) الذي كتب عدد من المسرحيات تندرج ضمن قائمة الأعمال الكوميدية المتأثرة بـ"موليير" بشكلٍ واضح، ويتضح في أسلوب كتابتها الاتجاه نحو التعليم الأخلاقي. من أهم أعماله مسرحية "جيب صاحب الطاحونة".
أما في "السويد" فلم تعرف البلاد المسرح ولم تمر بها أعمال مسرحية مثلما كان الحال في معظم بلاد "أوروبا" الشمالية الشرقية حيث ظهرت الدراما في العصور الوسطى بمعناها الشائع، إلى أن وصلنا إلى القرن السادس عشر حيث سميت الدراما بالدراما المدرسية ولم يظهر أسماء كتاب إلى أن وصلنا إلى أواخر القرن التاسع عشر عندما برز اسم "سترندبرج".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المسرح الاوروبي في القرن الثامن عشر (النظرية والاعلام )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النقد الأدبي والمسرحي في القرن الثامن عشر
» رواد المسرح العربي في القرن التاسع عشر
» رواد المسرح العربي في القرن التاسع عشر
» المسرح العربي في سوريا (4) سلسلة محاضرات في المسرح العربي
» قراءة في تاريخ الحركة النقدية في القرن التاسع عشر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
دراسات مسرحية متخصصة :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: