دراسات مسرحية متخصصة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دراسات مسرحية متخصصة

عرض دراسات متنوعة وموضوعات في الدراما والنقد المسرحي العالمي والمحلي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مسرح سياسي أم مسرح تسييس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد صقر

احمد صقر


المساهمات : 66
تاريخ التسجيل : 06/03/2011
العمر : 64
الموقع : الإسكندرية

مسرح سياسي أم مسرح تسييس  Empty
مُساهمةموضوع: مسرح سياسي أم مسرح تسييس    مسرح سياسي أم مسرح تسييس  Emptyالسبت مارس 12, 2011 9:47 am

مسرح سياسى أم مسرح تسييس
(اتفاق أم اختلاف)
الأستاذ الدكتور/ أحمد صقر
كلية الآداب- جامعة الإسكندرية
------------------------------
أثارت كثير من المسرحيات العربية نقاش النقاد والدارسين خاصة تلك المسرحيات التى تندرج تحت مسمى المسرحيات السياسية التى تعتمد بشكل أساسى على تقنيات المسرح الملحمى والوثائقى والتسجيلى باعتبارها أطراً وأشكالاً مسرحية تتمتع بتقنيات اجتمعت كلها أو بعضها عند كاتب أو آخر من كتاب المسرح العربى وبرغم اختلاف الجميع فى اعتماد الكثير من كتابنا على هذه الصيغ بدرجات متفاوتة فإنهم اتفقوا حول مهام الخطاب المسرحى السياسى وغاياته ورأوا أنه لابد أن يأتى معبراً عن تحولات اجتماعية وسياسية وإقتصادية مرت بها منطقتنا العربية بحيث يحقق هذا الخطاب غايته فى الدعوة إلى التغييرات الملحة التى فرضتها أجواء التحولات.
ولقد كتب كثير من كتاب المسرح العربى أعمالاً مسرحية جاءت استجابة للتحولات التى شهدتها المنطقة العربية خاصة فى أعقاب هزيمة 1967 وما أفرزته من مناخ كان حافزاً على أن يحمل الخطاب المسرحى بمعانٍ ومفردات اقتضتها ظروف الهزيمة لذا كتب سعد الله ونوس والفريد فرج ومعين بسيسو ومصطفى الحلاح ونجيب سرور وعبد الرحمن الشرقاوى وسليمان الحزامى وغيرهم أعمالاً مسرحية صنفت من قبل المتخصصين والنقاد بأنها مسرحيات سياسية أو نوع من المسرح التحريضى أو ما أسماه البعض مسرح الإسقاط السياسى أو مسرح التسييس وعلى الرغم من تعدد هذه المسميات فالمضمون والهدف واحد وهو مناقشة قضية سياسية متلامسة مع الواقع الاجتماعى والاقتصادى أفرزتها ظروف محددة، ومن بين هذه المسرحيات مسرحيات اثارت اهتمام النقاد والدارسين، لذا شغلت مساحات من الدراسات والكتب، وهناك مسرحيات لم تحظ سوى بالنذر القليل من الدارسة والتحليل، على حين تأتى كتابات سعد الله ونوس متميزة ومتفردة بين أقرانه مما تجعلها تستوقف الدارس والمحلل عند الحديث عن ظاهرة الخطاب المسرحى السياسى خاصة المسرحيات المستمدة من التراث.
وقد أثارت تعريفات هذا اللون من الكتابة المسرحية كثيراً من الاختلاف وقليلا من الاتفاق، ذلك أن بعضاً من المصطلحات التى احتوتها معاجم المسرح لها جذور فى الماضى وظهرت فى أعمال مسرحية عديدة والجديد هو إطلاق المصطلح، لذا تعد مثل هذه المصطلحات عسيرة على القولبة فى قالب تعريفى يشمل كافة المقاصد التى تختصر كافة التعريفات ، وعليه سأطرح بعضاً من تعريفات المسرح السياسى- وليس كلها فهذا ليس هدفنا الذى تتحقق منه غاية هذه الدراسة.
تثير الأجواء والظروف التى يزدهر فيها المسرح السياسى بعداً هاماً فى التعريف، ذلك أن الظروف التى مرت بها روسيا 1917 والثورة البلشفية، وألمانيا 1919 وترتب عليها الثورة الإشتراكية التى فشلت، هذا إلى جانب الأزمة الاقتصادية الأمريكية العالمية 1929، وأحداث من الحربين العالميتين، كلها ظروف أسهمت فى بلورة ملامح المسرح السياسى فحظى بإهتمام من قبل النقاد والدراسين الذين سعوا إلى وضع تعريف للمسرح السياسى.
- وفى هذا الصدد يعرفه عبد العزيز حموده بقوله " ظهر كل من مسرح الإثارة والدعاية، والمسرح الملحمى نتيجة للموجة الجديدة من الوعى السياسى والاجتماعى الذى اجتاح المانيا القيصرية بعد هزيمتها فى الحرب الكبرى، يقول " توماس ديكنسون " بعد الحرب ظهر دافع جديد فى ميدان الخلق المسرحى، دافع بدأ يجعل المسرح أداة فى يد الطبقات المغبونة، وانتهى يجعله أداة للثورة الاجتماعية ... يجب علينا الأن، أن ننظر إلى المسرح لا باعتباره أداة لترفيه الشعب، بل لتعبئة إرادتهم، لخدمة قضية محددة. ولا يحدد الفنان المبدع نوع هذه القضية، بل يحددها أيضاً الفكر السياسى للعصر نفسه ... والقاعدة، إن المسرح يخدم هذه العملية بإحدى طريقتين، أولاً بالنقد العنيف لكل أشكال النظام القائم واخلاقياته، وأنظمته، ومذاهبه الفكرية. ثانياً: بنشر مبادئ الجماعة الجديدة الهاجمة إلى أن تتحقق أهدافها " .
إن التعريف السابق يغطى مساحة كبيرة من تعريف المصطلح فيذكر الأجواء التى يظهر فيها المسرح السياسى وعن هدفه أداةً للثورة الاجتماعية عن طريق نقد كل نظم المجتمع والدعوة إلى فكر جديد يتناسب مع العصر وعلى الرغم من عمومية التعريف وشموليته فإن د.حمودة افترض أنه يغطى العملية الإبداعية على المستويين أى التأليف والعرض دون أن يصرح بذلك. ويذكر د. حمودة فى موضع آخر من دراساته تعريفاً محدداً للمسرحية السياسية قائلاً " إن المسرحية السياسية هى ذلك العرض الذى يستخدم خشبة المسرح ... وإمكانيات العرض لتقديم مشكلة أو قضية محددة، غالباً ما تكون سياسية ولكنها قد تكون أيضاً مشكلة اقتصادية مع الالتزام بتقديم وجهة نظر محددة بغية التأثير فى الجمهور أو تعليمه بطريقة فنية تعتمد على استخدام كل أدوات التعبير التى تميز المسرح عن كافة الفنون الأخرى" .
هنا يؤكد حمودة أن المسرحية السياسية لها جانبان هما النص " القضية " والعرض " الذى يقدم على خشبة المسرح " مع ضرورة أن يدرك المبدع جيداً أن عليه أن يتخذ موقفاً واضحاً من الرأيين موضوع الخلاف لأن هدف هذا المسرح هو التأثير فى الجمهور وتعليمه ويأتى تعريف د. نهاد صليحة مختلفاً كلية ؛إذ ينقسم المسرح السياسى طبقاً لهذا التعريف إلى ثلاثة أنواع :الأول مسرح سياسى إصلاحى: هو مسرح نقد سياسى بناء يهدف إلى إصلاح اخطاء التطبيق ويؤدى فى النهاية إلى تثبيت النظام السائد والثانى مسرح سياسى ثورى: مسرح دعوة أو دعاية وهو يدعى إلى استبدال نظرية سياسية بأخرى والثالث مسرح فكرى سياسى حقيقى: هو المسرح الذى يعرض لعدة ايديولوجيات متصارعة دون التزام المؤلف بالانتصار لواحدة بعينها .
ويطرح غسان غنيم تعريفاً للمسرح السياسى يتحدد فى كونه " وسيلة لتعبئة الجماهير، لإيقاظها، وإثارتها، لتحفيزها لتحقيق عمل جماعى يمس المشكلة المعروضة، وهى مشكلة لها علاقة بمشكلات متأججة على ساحة الأحداث فى العالم، بمشكلات ساخنة، وتدور أحداثها فى العالم فيلتقطها مثل هذا المسرح ويعالجها أمام جمهور متيقظ " وهكذا يضيف التعريف السابق بعداً جديداً وهو يقظة المؤلف الذى يلتقط مشكلة متأججة على الساحة ويقدمها المخرج المتيقظ ويعالجها ليستقبلها أيضاً. جمهور متيقظ يستطيع أن يحقق هدف المسرح السياسى الذى يسعى إلى الثورة على ما هو كائن ليأتى بالجديد.
ويضيف العشرى جانباً مهماً فى تعريفه للمسرح السياسى ويقول فى هذا الصدد " إن الحقيقة التى يعتنقها المسرح السياسى البيسكاتورى كان قد تم تركيبها مسبقاً على المسرح، فالتربية السياسية مباشرة، وليست جدلية فى شئ، إذا اعتمد على وجهة النظر الأحادية والخطابية، وهو بذلك يبتعد عن الفن الدرامى؛ لأن الدراما، جوهرها صراع، وعليه فلابد أن يكون ثمة عرض لوجهتى نظر مختلفتين أمام الجمهور وعليه أن يأخذ جانباً واحداً منهما "
والحقيقة إن التعريف السابق يوضح نقطة مهمة وهى ضرورة أن يعرض المؤلف وجهتى النظر ويفند كلاً منهما وصولاً إلى اختيار إحداهما وترك الأخرى مع إبداء الأسباب التى جعلت المؤلف من قبل والمخرج من بعد وصولاً إلى الجمهور يختار جانب هذا الرأى ويرفض الأخر.
أما " سعدالله ونوس" فقد فرق بين المسرح السياسى ومصطلح آخر أسماه مسرح التسييس " وذلك فى مقدمة مسرحية " مغامرة رأس المملوك جابر " حيث يقول " أحاول فى هذه المسرحية تجربة أخرى من تجارب " مسرح التسييس " التى بدأتها من قبل – ينبغى هنا التنبيه إلى أن هناك فارقاً كبيراً بين المسرح السياسى ومسرح التسييس فالثانى حوار بين مساحتين الأولى هى العرض المسرحى الذى تقدمه جماعة تريد أن تتواصل مع الجمهور وتحاوره والثانية هى جمهور الصالة الذى تنعكس فيه كل ظواهر الواقع ومشكلاته" .
وعليه فإن تعريف ونوس لمسرح التسييس يختلف عن تعريفات المسرح السياسى؛ ذلك أن الأول يحرص على دور الجماهير داخل العرض المسرحى فلابد أن يتواصل مع العرض وثانياً لابد أن يتحقق فى هذه الجماهيرية كافة مشكلات الواقع الاجتماعى والسياسى والاقتصادى، بحيث يسمح للجماهير أن تبدى أراءها فى الأحداث من خلال حوار مرتجل تسمح هذه المشاركة لها أن تقول صراحة رأيها فى موقف ما أو نهاية ما كما حدث مع موقف قتل المملوك جابر ورفض الجماهير لهذه النهاية.
إن هدف ونوس من وراء " مسرح التسييس " ليس الإمتاع والتسلية وإنما هدفه أن يكون مسرحه " مسرح الفعل أو المسرح – الفعل الذى يتطلع إلى تحويل وعى البشر كى يقوموا بتحويل واقعهم، إن لم يكن مسرح اليقظة والإيقاظ الذى لا يفصل بين الإقناع والغنى والمشاغل السياسية ذلك أن مسرح التسييس " عند " ونوس" يتخطى كافة الوظائف والتعريفات لمهام المسرح؛ فهو يرى فيه إحدى الأدوات الهامة المؤثرة الفاعلة فى تغيير النظم الفاسدة والظلم الواقع على الأمم، لذا كان هدف " ونوس" من استخدام القضايا السياسية والإجتماعية والاقتصادية هو حسن توظيفها من بعد والاقتراب منها والتعرف عليها بحق فقد تبدو من صرخة طفل تعجز أسرته عن إطعامه أو من صمت المواطن خوفاً من أن يلقى به فى السجون، أو السعى وراء لقمة العيش فقط ونسيان كل شئ، وهكذا يقترب معنى التسييس عند " ونوس " من الهموم السياسية وصولاً إلى إيقاظ وعى الجمهور ودفعه إلى الفعل دون الاستسلام.
ويقرب " ونوس" مفهوم التسييس فى مقدمة مسرحية الملك هو الملك " بقوله " يقوم التسيسس على البنية الضمنية، على قوانين اللعبة واللعب، بقدر ما يقوم على تاريخ اللعب بين من يملك السيف ومن لايملك إلا رأسه وكأن " ونوس " يؤكد من خلال هذه اللعبة المسرحية كشف خطر اللعب مع الكبار من أجل التسلق للوصول للمناصب العليا ومن يفعل ذلك فلن تنجح لعبته لأنه حل فردى مشكوك فى نجاحه.
يضيف الناقد فؤاد دواره فى توضيحه لنقاط الالتقاء والاختلاف بين " مسرح التسييس" و" المسرح السياسى" قوله " لا يكتفى "مسرح التسييس " بعلاج موضوع سياسى، أو توجيه سهام النقد للفساد والسلبية بل يحاول بالإضافة إلى ذلك إشراك المشاهدين فى العرض واستفزازهم لإتخاذ موقف إيجابى من الأحداث التى تعرض أمامهم، وهو من هذه الناحية قريب النسب من مسرح " الإثارة والدعوة Agit prop أجيت بروب" الذى نشأ فى الاتحاد السوفيتى فى أعقاب ثورة 1917 "(9) وانتشر هذه التوجه ووصل إلى كثير من بلدان العالم حيث حاولت من خلال مثل هذا الاتجاه تغيير نمط الحياة القائمة واستبدالها بتوجه جديد لصالح المجتمع.
ويتفق مع هذا الرأى ما قالته مارى الياس و حنان قصاب، فى أن المسرح السياسى يزدهر فى المناطق التى تلتهب فيها الأحداث وفى تلك الفترات تصبح هناك حاجة ماسة إلى الفن والفكر بشكل عام، وإلى الجديد الذى يعتقد القائمون وقتها أنه الأنسب للتعبير عن هذه التحولات حيث " يعطى للمسرح دوراً تحريضياً ويتوجه إلى الطبقة العاملة ، وهو ما سمى بالمسرح البروليتارى. ظهر هذا التوجه أيضاً فى ألمانيا والاتحاد السوفيتى فى العشرينيات من القرن العشرين، ثم فى الولايات المتحدة الأمريكية إبان الأزمة الاقتصادية فى الثلاثينيات بتأثير من رجال المسرح الذين هاجروا إلى أمريكا وشاركوا فى تأسيس مسرح سياسى هناك أمثال الألمانيين برتولد بريخت واروين بيسكاتور والنمساوى ماكس راينهاردت".
ويعلق العشرى على مسرح ونوس السياسى بقوله" يرى سعد الله ونوس أن المسرح سياسى بالضرورة ولكن يجب أن نفرق بين المسرح الذى يهتم بالسياسة المباشرة (مسرح التسييس) وبين المسرح الذى تتخلله السياسة (المسرح السياسى). وخط رفيع ذلك الذى يفصل بين التنفيس والشحذ، ففى أوضاع وطننا العربى، فإن المسرح السياسى فى بعض الأحيان يتحول إلى عملية تفريغ" .
على أن حركة المد الثورى وصلت إلى المنطقة العربية فى مرحلة الستينيات وامتد أثرها وتمثلت فى ازدهارأشكال من المسرح السياسى التعليمى التثقيفى التنويرى خاصة فى أعقاب هزيمة 1967، فانتشر المسرح الملحمى والسياسى والتسجيلى والوثائقى وكلها أنواع من المسرح تتوجه إلى " جماهير عريضة من قبل فى صيغ مثل المسرح الشعبى والمسرح التحريضى والمسرح الملحمى مما يجعل الهامش بينها وبين المسرح السياسى ضيقاً، بل ويمكن اعتبار كل هذه الصيغ شكلاً من أشكال المسرح السياسى.
وترتب على هذا الاهتمام من قبل كتاب المسرح العربى السياسى أن ظهر عدد كبير من كتاب المسرح السياسى اختلفت لديهم طرق التعبير السياسى وأساليبه فمنهم من لجأ إلى المسرحيات ذات المضمون السياسى الواضح الفريد فرج وسعد الدين وهبه ونجيب سرور وغيرهم، ومنهم من كتب المسرحية التاريخية معتمداً على تكنيك الإسقا ط لطرح قضايا سياسية معاصرة مثل صلاح عبد الصبور وأبو العلا السلامونى وغيرهما ومنهم من غير فى شكل المسرحية السياسية على مستوى الشكل والمضمون ليحدث أثراً فى الجمهور مثل سعد الله ونوس ونجيب سرور، ترتب على ما سبق أن جاءت أعمال هؤلاء الكتاب قريبة جداً، إما من بريخت ومسرحه الملحمى الذى يربط بين المسرح والواقع المعيش، ومنهم من وظف حادثة سياسية معينة للتعبير عن رأيه فيها رابطاً ذلك- فى أسلوب يعتمد على النقاش بضرورة كشف أخطاء أحد الجانبين المختلف عليها وعيبوبه.
وعلى هذا يمكن القول بان رسالة المسرح السياسى قد حققت هدفها بخلاف ما كان قائماً من قبل، فلم تعد رسالته تفسير ما هو قائم وشرحه ومحاولة تحليلة أو تبريره، بل تخطت الرسالة هذه الحدود فأصبحت مهمة المسرح هى التغيير، الأمر الذى تطلب ضرورة أن يتوجه الخطاب المسرحى السياسى إلى المتلقى معملاً عقله فيما يشاهده واتخاذ موقف فيما يشاهده وهنا نشير إلى مسرح الكاتب السياسى الانجليزى " ديفيد إدجار" الذى التزم بقضايا أمته وحاول من خلال أعماله أن يزيد فى وعى جمهوره بقضاياهم ويحثهم على التغيير الاجتماعى فمسرحياته تشتمل على معظم الأشكال الدرامية التى تميزت بها حركة المسرح السياسى مثل البارودية والرمزية والملحمية والواقعية الاشتراكية. وقد حاول من خلال هذه الأشكال أن يعرض أهم القضايا السياسية والاجتماعية التى شغلت الرأى العام البريطانى" .
ومن الملفت للنظر أن كتاب المسرح السياسى العربى لم يركزوا كثيراً على تقنيات العروض بقدر ماركزوا على المضامين فقد اتجه معظمهم اتجاهاً مضمونياً، فالمسرح السياسى لديهم هو المسرح الذى يهتم بالسياسة والموضوعات السياسية كعلاقة المواطن بالسلطة أو علاقة السلطة به، أو بالهموم السياسية كالهم الديمقراطى بما يتضمنه من جزئيات تشتمل على معالجة أسلوب الحكم أو شكله،أو معالجة المساواة والعدالة، أو الحرية بشكليها الفردى والجماعى، أى حرية المواطن وحرية الوطن أو معالجة القضايا القومية والوطنية ولا يخرج عن هذا النطاق الاهتمام بموضوع الثورة وأساليبها" .
وعليه فإن كثيراً من أعمال كتاب المسرح السياسى العربى اتفقت وتوحدت إلى حد كبير فى المضامين والقضايا والهموم التى شغلت المواطن العربى، بحيث أصبحت كلها إقليمية وإن حاول بعض الكتاب مثل سعد الله ونوس ومصطفى الحلاج وغيرهما – أن يتخطى الاقليمية ليصل إلى العالمية بأن توجها من خلال مضامين مسرحياتهما وخطاباتهما لا إلى جمهور المنطقة العربية وحسب بل إلى الإنسانية عامة.
إن ما سبق يتفق فى أحد جوانبه مع رسالة المسرح السياسى فقد " تبنى رسالة سياسية، قبل أن يتبنى أساليب فنية، أو أنه بعبارة أخرى، استنبط من الرسالة التى حددها لنفسه الأساليب الفنية التى تخدم هدفه لتوصيل رسالته. كانت هذه الرسالة مباشرة، واضحة ترمى إلى التأثير فى الجماهير من أجل توعيتها واجتذابها إلى جانب المعركة ضد المجتمع الرأسمالى الطبقى، وللوصول إلى مجتمع العدالة الاجتماعية والسلام " .
وعلى هذا يمكن القول بأن رسالة المسرح السياسى ليس فقط الإمتاع الحسى فقط ولكنها تتخطى ذلك إلى الإمتاع الفكرى ليصبح المشاهد قادراً فى أعقاب المشاهدة على مناقشة الأفكار والتحرك بشكل إيجابى حيث إنه أصبح مستفزاً تحركه الأفكار نحو الثورة على الأخطاء التى تحكم الفكر السياسى لهذا العصر، ولعل هذا يتفق إجمالا مع ما قاله د. سمير سرحان الذى حدد وظيفة المسرح السياسى فى " التعبير عن الثورة المكبوته والرغبة فى التغيير .. إنما هى وظيفة فنية لأبعد الحدود، إنه تجسيد لما يجب أن يكون عليه الفن- الجيد – مضمون كبير وفن مسرحى كبير يلائم ضخامة المضمون وخطورته، حيث إن المضمون الجيد لا يمكن أن ينفصل فى المسرح السياسى عن الفن الجيد " .
وهذا يؤكد صحة القول بتعددوظائف المسرح السياسى وتجاوز وظيفة المسرح التقليدية بحيث لم تعد وظيفته مقصورة على تصوير الواقع الحياتى الحالى فى المجتمع فقط، وإنما تتخطى ذلك إلى توجيه المجتمع ومحاولة تغييره، فهو فى عصرنا يعتبر بحق أداة من أدوات الثورة الإجتماعية يتناول الواقع كنقطة بداية متخذاً منه أداة اتهام لمتناقصات المجتمع، داعياً إلى الثورة والتغيير" .
إن الرأى السابق كان نتيجة فترة طويلة فى مرحلة ما قبل الثورة ساد فيها نوع من مسرح الترفيه والتسلية وبعيدة عن مسرح جاد يتناول فى أسلوب جاد قضايا المجتمع ويلتزم العاملون فى حقل الإبداع كما يلتزم المستقبلون لهذا الإبداع، لذا كثيراً ما تردد هذا المصطلح بين الستينيات والثمانينيات نظراً للمفهوم السائد فى مصر فى الفترة السابقة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مسرح سياسي أم مسرح تسييس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مسرح الميلودراما في مصر
» القضية الاجتماعية في مسرح أرثر ميللر
» المسرح الغير تجاري في نيويورك ( مسرح الهواة )- أمريكا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
دراسات مسرحية متخصصة :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: